تقديم إشكالي: أدت
تناقضات فترة ما بعد الحرب العالمي الأولى والأزمة الاقتصادية وتصاعد المواجهة بين
الدول الديمقراطية والدول الدكتاتورية، إلى خلق توتر في العلاقات الدولية، انتهى
باندلاع الحرب العالمــية الثانية سنة 1939م. فما أسبابها ومراحلها ونتائجها؟
I.
أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية.
1.
دور
مخلفات معاهدة السلام والأزمة الاقتصادية.
دور مخلفات معاهدات السلام׃ شكلت معاهدات السلام سببا في تأزم العلاقات بين الدول
الأوربية، حيث ساهمت بنود معاهدة فرساي المفروضة على ألمانيا في ردود فعل عنيفة من
طرف النظام النازي الذي عمل على إلغائها لإعادة الاعتبار للشعب الألماني.
دور الأزمة الاقتصادية׃ ساهمت الأزمة الاقتصادية في تدهور أوضاع
أوربا اقتصاديا وسياسيا، وكانت لها انعكاسات على المبادلات التجارية حيث تم تطبيق
السياسة الحمائية، وهو ما أدى بالدول الديكتاتورية (ألمانيا وإيطاليا واليابان)،
اللجوء إلى اعتماد السياسة التوسعية (المجال الحيوي) لحل مشاكلها الاقتصادية
والاجتماعية المترتبة عن الأزمة الاقتصادية.
2.
دور
السياسة التوسعية للأنظمة الديكتاتورية وفشل عصبة الأمم في حل الأزمات الدولية.
- دور السياسة التوسعية للأنظمة الديكتاتورية: مع بداية ثلاثينات القرن 20 م شرعت كل من
ألمانيا وإيطاليا واليابان في تطبيق سياستها التوسعية، حيث قامت ألمانيا بتطبيق سياسة
المجال الحيوي بالسيطرة على النمسا وإقليم السوديت بتشيكوسلوفاكيا سنة 1938م، أما
إيطاليا فطبقت سياستها التوسعية على حساب إثيوبيا سنة 1935م، وبالنسبة لليابان فقد
سيطرت على إقليم منشوريا شمال شرق الصين سنة 1932م ثم اجتياح الصين سنة 1937م .
- فشل عصبة الأمم في حل الأزمات الدولية: عجزت عصبة الأمم عن حل النزاعات الدولية
الكبرى، (التوسع الياباني في الصين، والتوسع الإيطالي في إثيوبيا، والتوسع
الألماني في أوربا الشرقية) وزاد من ضعفها انسحاب هذه الدول من العصبة وتكوين
أحلاف استراتيجية استعدادا للحرب.
3.
السبب المباشر
لاندلاع الحرب العالمية الثانية
بعد نجاح هتلر في
ضم النمسا وإقليم السوديت بتشيكوسلوفاكيا، اجتاح الجيش النازي بولونيا يوم فاتح
شتنبر 1939م، وهو الحدث الذي أشعل فتيل الحرب العالمية الثانية بين ألمانيا والدول
الدائرة في محورها (إيطاليا واليابان) من جهة والـحلفاء (بريطانيا وفرنسا) من جهة
أخرى، وهي حرب اتسع نطاقها الجغرافي بدخول أطراف أخرى كالولايات المــــتحدة
والاتحاد السوفيتي والمستعمرات.
II.
مراحل الحرب العالمية الثانية.
1. المرحلة الأولى 1939-1942م,
حققت دول المحور
(ألمانيا، إيطاليا، اليابان)
توسعات كبرى في المرحلة الأولى:
- اتبعت
ألمانيا أسلوب الحرب الخاطفة، فتمكنت من احتلال بلدان أوربا الغربية سنة 1940م (فرنسا، هولندا، بلجيكا،
اللكسمبورغ) مع فشل عملية أسد البحر للسيطرة على انجلترا، وفي يونيو 1941 فتحت
ألمانيا الجبهة الشرقية بالهجوم على الاتحاد السوفياتي
(عملية بارباروسا)
مما أدى إلى دخول
الاتحاد السوفياتي الحرب إلى جانب الحلفاء.
- بدأت إيطاليا الحرب بالسيطرة على
ألبانيا سنة 1939م ثم التوغل في شبه جزيرة البلقان بدعم ألمانيا، كما هاجموا الحلفاء في تونس ومصر، انطلاقا من لیبیا.
- استولت الیابان على بلدان جنوب شرق آسیا (الهند الصينية) سنة 1940م و جزر المحيط الهادئ، وقصفت القاعدة العسكرة الأمريكية في بيرل هاربور بجزر هاواي في دجنبر 1940م فكانت السبب المباشر
في دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب إلى جانب الحلفاء.
2. المرحلة الثانية
1943-1945م.
بدخول الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد
السوفياتي الحرب تعززت قوة الحلفاء،
فحققوا انتصاراتهم الأولى
منذ أواخر سنة 1942م، فبعد معركة
ستالینغراد تم تحرير الأراضي السوفياتية من الاحتلال الألماني، وتحرير بلدان أوربا الشرقية،
كما أنزل الحلفاء قواتهم بإفريقيا
الشمالية واستطاعوا تحرير مصر ولیبیا وتونس، ثم الاستلاء على إيطاليا سنة 1944م والقضاء على النظام الفاشي، ثم أنزل الحلفاء جيوشهم في منطقة نورماندي وحرروا فرنسا وباقي بلدان أوربا الغربية سنة 1944،.
ومع
مطلع سنة 1945م بدأت جيوش الحلفاء في غزو أراضي ألمانيا،
فانتهى الأمر باستسلامها في ماي 1945م، أما في الشرق الأقصى فقد لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إلقاء القنبلة الذرية على مدینتي
ھیروشیما وناكازاكي، وبذلك انتھت الحرب
بعد استسلام اليابان
في شتنبر 1945م بانتصار الحلفاء.
III.
نتائج الحرب العالمية الثانية.
1. النتائج الاجتماعية والاقتصادية.
-
الخسائر الاجتماعية: خسائر بشرية كبيرة في
صفوف المدنيين والعسكريين، بالإضافة إلى الجرحى والمعطوبين، وانعكاسات سلبية على
المستوى المعيشي للسكان (الفقر، المجاعة، ضعف القدرة الشرائية...) مع تغيرات في
البنية السكانية بارتفاع نسبة الإناث وانخفاض نسبة الساكنة النشيطة في مجموعة من
الدول.
-
الخسائر الاقتصادية: دمار هائل في
التجهيزات والبنيات التحتية والمواصلات والأراضي الفلاحية... ارتفاع كلفة الحرب
والنفقات العسكرية على الدول المتحاربة، وتراجع الإنتاج في كافة القطاعات
الاقتصادية للدول المتحاربة، بروز الولايات المتحدة الأمريكية كقوة اقتصادية عظمى،
تزايد الاستغلال الاستعماري لإنعاش اقتصاد الدول الأوربية المتضررة من الحرب.
2. النتائج السياسية׃
-
تغيرات ترابية وسياسية جديدة على خريطة
أوربا، بعد
عقد الحلفاء عدة مؤتمرات (مؤتمري يالطا وبوتسدام)، مثل ضم أراضي من أوربا الشرقية
لمصلحة الاتحاد السوفيتي، وضم أراضي جديدة إلى كل مـن بولونيا وبلغاريا وفرنسا، وتقسيم ألمانيا إلى أربع مناطق نفوذ (بريطاني
وفرنسي وأمريكي وسوفياتي) ووضع برلين وفيينا تحت سلطة الدول الأربعة.
-
إنشاء هيئة الأمم
المتحدة بعد مؤتمر سان فرانسيسكو في 26/7/1945م بهدف الحفاظ على السلم والأمن
الدوليين، وتحقيق التعاون الدولي لحل القضايا ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية.
ولتحقيق هذه الأهداف تم وضع الأجهزة والمؤسـسات الكفيلة بتنفيذها.
خاتمة:
خلفت الحرب العالمية الثانية انعكاسات سلبية على الاقتصاد والمجتــمع الدوليين،
وأفرزت تغيرات كبرى في العلاقات الدولية بانقسام العالم إلى معسكرين مختلفين
اقتصاديا وإيديولوجيا، وساد التوتر بين المعسكرين ضمن ما اصطلح عليه ب «الحرب
الباردة»
0 تعليقات