ملخص درس: تنظيم المجال العالمي في إطار العولمة


تنظيم المجال العالمي في إطار العولمة
تقديم إشكالي:  يحتل المجال المتوسطي موقعا متميزا على الصعيد العالمي، حيث يشكل نقطة التقاء وتواصل حضاري بين ثلاث قارات، غير أنه يشكل نموذجا للتفاوت الكبير بين دول الشمال ودول الجنوب. فما موقع المجال المتوسطي ضمن المجال العالمي؟ وما مظاهر التفاوت بين شماله الأوربي وجنوبه الأفرو آسيوي؟ ­ ما آليات ومجالات التعاون بين بلدانه؟ وما حصيلتها؟ وما آفاقه المستقبلية؟
      I.     توطين المجال المتوسطي ومجالات التفاوت في النمو بين شماله وجنوبه:
1.      توطين المجال المتوسطي وبعض خصائصه:
يمتد المجال المتوسطي بين خطي عرض °20 و°50 شمالا، وبين خطي عرض °17 درجة غربا و °45 شرقا، يحتل موقعا استراتيجيا، حيث يعتبر ممرا أساسيا للتجارة العالمية، ينقسم المجال المتوسطي إلى ضفة شمالية تتكون مجموعة من الدول الأوربية الغنية، وضفة جنوبية تضم مجموعة من الدول الأفروآسيوية النامية، يتميز الوسط الأورو متوسطي بالتفاوت على مستوى المؤهلات الطبيعية والبشرية بين الضفتين.
2.      مظاهر التفاوت بين صفتي المجال المتوسطي من حيث الإنتاج الاقتصادي والمبادلات.
يعرف المجال المتوسطي تفاوتا كبيرا بين ضفتيه في جميع القطاعات الاقتصادية:
القطاع الفلاحي: تتميز الضفة الشمالية للمتوسط بإنتاج زراعي وحيواني ضخم ومتنوع، بسبب عصرنة القطاع الفلاحي... بالإضافة إلى الظروف الطبيعية الملائمة، بالمقابل فالضفة الجنوبية لايزال إنتاجها الفلاحي ذو مردودية ضعيفة في ظل ظروف طبيعية غير ملائمة.
القطاع الصناعي: تتميز بإنتاج صناعي ضخم ومتنوع، حيث عملت على تطوير الصناعات الجديدة كالتكنولوجية الحديثة والإلكترونيك... أما بالنسبة للضفة الجنوبية فتنتشر بها مراكز صناعية ضعيفة، كما توجد بها بعض المراكز الصناعية الكبرى المستفيدة من إعادة توطين الصناعات، غير أنها لازالت ضعيفة.
القطاع التجاري: تتشكل صادرات دول الضفة الشمالية للمتوسط أساسا من منتوجات عالية الجودة، مما ينعكس إيجابا على ميزانها التجاري، على عكس الضفة الجنوبية للمتوسط التي تتشكل صادراتها أساسا من المواد الأولية والزراعية،  مما يؤثر سلبا على ميزانها التجاري.
القطاع السياحي: تستقطب دول الضفة الشمالية 4/5 من السياح الوافدين على دول حوض البحر الأبيض المتوسط، لتوفرها على مؤهلات سياحية ضخمة، أما الضفة الجنوبية لا زالت لا تستفد من مؤهلاتها السياحية الطبيعية، بالإضافة إلى عدم تأهيل البنية السياحية.
3.      التفاوت بين ضفتي الحوض المتوسطي على مستوى أبعاد التنمية البشرية.
يتباين مستوى التنمية البشرية بين بلدان الضفة الشمالية وبلدان الضفة الجنوبية، فهو مرتفع جدا بأغلب دول الضفة الشمالية، ومرتفع أو متوسط بالضفة الجنوبية، يرجع التباين في مؤشر التنمية البشرية بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط للتباين الحاصل على مستوى الدخل الفردي، والمستوى الصحي، والمستوى التعليمي، حيث تعرف أغلب دول الضفة الشمالية ارتفاعا في كل من الدخل الفردي، ونسبة التمدرس، ونسبة محو الأمية، وكذلك في المستوى الصحي التي يتجاوز فيها مصاريف القطاع الصحي 5,7% من الناتج الداخلي الخام، بالمقابل تعرف دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط انخفاضا في كل من الدخل الفردي، ونسبة التمدرس، ومحو الأمية، ونفس الأمر بالنسبة للمستوى الصحي التي تقل فيه مصاريف قطاع الصحة بأغلب الدول على 3% من قيمة الناتج الوطني الخام.
    II.     آليات ومجالات وحصيلة التعاون بين الشمال والجنوب المتوسطي و آفاقه المستقبلية׃
1.      آليات ومجالات التعاون الأورو متوسطي׃
انطلق التعاون الأور ومتوسطي منذ سبعينيات القرن العشرين في إطار اتفاقيات تعاون (برنامج PAM)، وخلال تسعينيات القرن العشرين تعززت السياسة المتوسطية بدعم التعاون بين الضفتين، من خلال انطلاق الشراكة بإعلان برشلونة سنة 1995، الذي يعتبر إضافة إلى المؤتمرات الأور ومتوسطية أهم آليات التعاون الأور ومتوسطي، وقد شملت الشراكة الأور ومتوسطية عدة مجالات منها׃
­ مجال التعاون السياسي والأمني׃ احترام حقوق الإنسان والديمقراطية، وتدبير ملف الهجرة السرية وتهريب المخدرات.
­ مجال التعاون الاقتصادي والمالي׃ إنشاء منطقة للتبادل الحرفي أفق سنة 2010م، والتعاون في قطاعات الاستثمار وحماية البيئة، وتدبير الموارد البحرية والطاقية.
­ مجال التعاون الاجتماعي والثقافي׃ يعنى بالتعاون بين مختلف مكونات المجتمع المدني، خاصة حول قضايا المرأة، والشباب، والتربية، وتشجيع الحوار بين الثقافات والحضارات.
2.      حصيلة التعاون الأورو متوسطي وآفاقه المستقبلية׃
حصيلة التعاون: رغم أهمية المشاريع في إطار برنامج MEDA و  PAMإلا أنها لم تحقق كل أهدافها، وتبقى الحصيلة جد ضعيفة من خلال: ضعف الاستثمارات المباشرة الخارجية في دول جنوب، وضعف التعاون والاندماج الاقتصادي الجهوي بين البلدان المتوسطية الجنوبية.
آفاق التعاون الأور ومتوسطي: إعطاء أهمية كبرى لبرنامج PAM2 بتمويل مشاريع الشراكة المكونة للبرنامج، وتجاوز كل المعيقات المرتبطة بالمستويات التالية:
المستوى السياسي: تجاوز المخاطر انعدام الاستقرار السياسي وعدم ربطه بطبيعة العلاقات بين الشمال والجنوب المتوسطي. المستوى الاقتصادي: تطويق مصادر الإخفاقات الخارجية لاقتصاديات جنوب المتوسط (المديونية، شروط ولوج المنتوجات الفلاحية...) المستوى الاجتماعي والثقافي: العمل على جعل المتوسط فضاء التقاء الثقافات والحضارات بانخراط كل الأنظمة في الضوابط الكونية كالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان...
خاتمة׃ يبقى المجال المتوسطي نموذجا لعدم التكافؤ بين بلدان الشمال المتقدمة وبلدان الجنوب النامية، مما يحتم على هذه الأخيرة تكثيف التعاون الجهوي جنوب \ جنوب، وخلق مناخ اقتصادي قادر على جلب الاستثمارات الخارجية.

إرسال تعليق

0 تعليقات