تقديم: انتهت الضغوط الاستعمارية التي تعرض لها المغرب خلال ق 19 وبداية ق 20م
بفرض نظام الحماية سنة 1912م، وهو النظام الذي أخضع المغرب للاستغلال الاستعماري
وأثر على المغاربة اقتصاديا واجتماعيا. فما السياق التاريخي لفرض نظام الحماية على
المغرب؟ وما الأسس والآليات التي قام عليها هذا النظام؟ وما أشكال الاستغلال
وآثارها على المغرب في ظل الحماية؟
I.
ظروف فرض نظام الحماية على المغرب والأسس التي قام عليها.
1.
ظروف
فرض نظام الحماية.
شھد
المغرب
نهاية القرن 19م وبداية القرن 20م أزمة
اقتصادية
وسياسية
حادة
نتيجة الضغوط الاستعمارية لكل من فرنسا وإسبانيا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا، فمهدت
فرنسا لاحتلال للمغرب
بعقد عدة اتفاقيات وتسويات أهمها: الاتفاق الفرنسي الايطالي حول المغرب
وليبيا سنة 1902م، والاتفاق الفرنسي الانجليزي حول المغرب ومصر سنة 1904م، ومؤتمر
الجزيرة الخضراء سنة 1906م الذي حققت فيه فرنسا واسبانيا مكاسب سياسية واقتصادية
بالمغرب، ثم الاتفاق الفرنسي الألماني سنة 1911م حول المغرب وأجزاء من الكونغو.
وبالموازاة
مع التسويات السياسية قامت فرنسا باحتلال مدینتي
الدار
البیضاء
ووجدة
وضواحیھما
سنة
1907م ، أما إسبانيا فقد وسعت
نفوذها
في
الریف
الشرقي
انطلاقا
من ملیلیة سنة 1909م
، كما استولت على
العرائش
وأصيلة
والقصر
الكبير
سنة
1911م. وفي 30 مارس
1912م أرغمت فرنسا السلطان عبدالحفيظ التوقيع
على
معاهدة
الحمایة
(معاهدة فاس) كما اتفقت مع
إسبانيا على إجراءات تنفيذ الحماية في منطقة الاحتلال الإسباني شمال المغرب، ووضع
طنجة تحت النفوذ الدولي.
2.
الأسس
التي قام عليها نظام الحماية.
نصت
معاهدة الحماية على إقامة إدارة استعمارية بالمغرب،
يرأسها مقيم عام للقيام بالإصلاحات الإدارية
والمالية
والعسكرية...
إلى جانب إدارة مخزنية يرأسها السلطان، حصرت مهامها في الشؤون الدينية والأحباس.
وقد قسم المغرب إلى
ثلاث
مناطق
نفوذ:
منطقة النفوذ الدولي في طنجة،
ومنطقة
النفوذ
الإسباني
في
أقصى
الشمال
والجنوب،
ومنطقة
النفوذ
الفرنسي
في
الوسط.
تميز
التنظيم الإداري في منطقة النفوذ الفرنسي بما يلي :
- على المستوى المركزي: وجود
إدارة استعمارية يرأسها المقيم العام الفرنسي، تقابلها إدارة مغربية يرأسها
السلطان لها سلطات محدودة (العدل والأوقاف).
- على المستوى
الجهوي: قسمت منطقة النفوذ الفرنسي إلى مناطق مدنية (الرباط، الدار البيضاء،
وجدة) يرأسها مراقب مدني، ومناطق نفوذ عسكرية (فاس، مكناس، مراكش، أكادير) يرأسها ضابط الشؤون المحلية.
- على المستوى المحلي:
قسم كل إقليم إلى دوائر قروية يرأسها القواد وحضرية يرأسها الباشوات.
أما منطقة
النفوذ الإسباني فقد خضعت للمندوب السامي الإسباني الذي تولى السلطة الفعلية،
تاركا سلطة شكلية لخليفة السلطان في تطوان، وتدرجت
الإدارة الإسبانية
مثل الإدارة الفرنسية على
ثلاث
مستویات،
مركزية وجھویة ومحلیة.
بالنسبة
لطنجة،
فقد
عرفت
نظاما دوليا تحت نفوذ ثلاث هيئات وھي
المجلس التشریعي، ولجنة المراقبة
(مؤلفة من قناصل الدول الموقعة على مؤتمر الجزيرة
الخضراء)، والسلطة التنفيذية.
بعد رحیل لیوطي عن المغرب سنة
1925م تحول نظام الحمایة إلى حكم مباشر، حیث انفردت الإدارة الفرنسیة باتخاذ القرارات دون الرجوع إلى السلطان الذي حصرت دوره في الإمضاء على الظهائر.
II.
مراحل الاحتلال العسكري للمغرب وأشكال الاستغلال الاستعماري وعواقبه على
المجتمع المغربي.
1. مراحل الاحتلال العسكري,
بعد مقاومة
شديدة تكبد خلالها المستعمر خسائر فادحة، تمكنت
فرنسا وإسبانيا من احتلال المغرب عبر عدة مراحل وهي:
- قبل 1912م احتلت فرنسا شرق المغرب والمناطق
الممتدة من الدار البيضاء إلى فاس، كما استولت إسبانيا على سيدي إفني وعدة مناطق في الشمال.
- في الفترة 1912 – 1914م : سيطرت فرنسا على
السهول والهضاب الأطلنتیة والوسطى.
- في الفترة 1914 – 1920م : غزت فرنسا الأطلس
المتوسط والأطلس الكبير.
- في الفترة 1921 – 1926م : استكملت إسبانيا
احتلالها للمنطقة الشمالية.
- في الفترة 1931 – 1934م : استكملت فرنسا وإسبانيا
السيطرة على المناطق الجنوبية
2. مظاهر الاستغلال
الاستعماري وآثاره على المجتمع المغربي.
أ.
مظاهر الاستغلال الاستعماري.
- الاستغلال الفلاحي: تمثل في السيطرة
على الأراضي عن طريق الاستعمار الرسمي بالاستيلاء على
أراضي
المخزن
والجموع
والجيش... أو عن طريق سيطرة المعمرين الأوربیین
على
أراضي
القلاحين
المغاربة
بطرق
متعددة،
إضافة إلى ارتفاع حجم الاستثمارات الفلاحية، وتوسيع الزراعات العصرية والتسويقية.
- الاستغلال المالي: تمثل في تأسيس
الأبناك والشركات الاستعمارية التي رفعت من
قيمة الاستثمارات في المغرب، مع فرض ضرائب
متعددة
على
المغاربة.
- الاستغلال المنجمي
والصناعي :احتكار الشركات الاستعمارية لاستغلال المعادن
ومصادر
الطاقة،
وإدخال
الصناعات
الحديثة
التي
تمركزت
في
المدن
الرئيسية خاصة
الدار
البیضاء.
- الاستغلال التجاري: اتخاذ
المغرب
كمصدر
للمواد الأولية وسوقا
للمنتجات
الصناعیة،
وإقامة
شبكة للمواصلات لتسھیل الاستغلال
الاستعماري.
ب.
انعكاسات الاستغلال الاستعماري على المجتمع المغربي
v الانعكاسات على الصناع والحرفيين:
تراجع معظم
الحرف التقليدية، وإفلاس التجمعات الحرفية، ومنافسة المنتجات المصنعة المستوردة
للمنتجات المحلية، وضعف قيمة المنتجات التقليدية ضمن صادرات المغرب، مما انعكس ذلك
سلبا على المستوى المعيشي للحرفيين الذين تحولوا إلى يد عاملة رخيصة لمصلحة
الصناعة الاستعمارية.
v الانعكاسات على الفلاحين المغاربة:
عرفت
البادية المغربية عدة تحولات اجتماعية يمكن تحديدها على النحو الآتي:
- تمركز
الأراضي الخصبة في يد المعمرين الأوربيين وعملائهم، واكتفاء الفلاحين المغاربة
بملكيات صغيرة في مناطق أقل خصوبة.
- إثقال
كاهل السكان القرويين بالضرائب وأعمال السخرة، وتحول معظمهم إلى عمال
زراعيين بعد نزع ملكياتهم.
- إجبار الفلاحين على
العمل لدى المعمرين، وفي المشاريع العمومية.
- انتشار
الهجرة القروية
نحو المدن والمراكز المنجمیة.
- نشأة
الطبقة
العاملة،
التي
عاشت
ظروفا
اجتماعية
مزریة، فانعكس ذلك
على
الجانب العمراني
بظهور
أحیاء
الصفيح.
v الانعكاسات على التجار المغاربة:
تضرر التجار المغاربة من
ثقل الضرائب، واحتكار المععمرين والشركات الأجنبية للتجارة بجميع أصنافها، مما أزم
وضعيتهم الاقتصادية الاجتماعية.
خاتمة: عمل
الاستغلال الاستعماري في عهد الحماية على خدمة مصالح الرأسمال الأوربي، وأزم وضعية
المغاربة اقتصاديا واجتماعيا، مما ولد لديهم شعورا وطنيا ترجم في شكل حركة وطنية
طالبت بالاستقلال.
0 تعليقات